شهد الدولار أداء متبايناً خلال الأسبوع، مقابل غيره من العملات الرئيسة الأخرى، ولا سيما أن المستثمرين يحرصون على متابعة أخبار الاجتماعات المهمة التي تعقدها البنوك المركزية الكبرى والحكومات، والتي تتناول تأثيرات التراجع الحاصل في الطلب العالمي، خصوصاً أن السوق العالمي يتخبط حالياً بين محاولاته لتجنب المخاطر التي قد تحصل ودرجة تحمله لتلك المخاطر في حال تحولها إلى حقيقة.
وقد افتتح اليورو الأسبوع عند 1.3387 دولار إلا أنه سرعان ما شهد تراجعاً سريعاً ليصل إلى 1.3146 دولار، مع العلم أن اليورو تمكن لاحقاً من استعادة زخمه السابق مع حلول نهاية الأسبوع، وذلك عندما أعلن وزراء المالية في الاتحاد الأوروبي قيامهم بدراسة طرق كثيرة تهدف إلى تنسيق عمليات إعادة رسملة المؤسسات المالية، وذلك بعد أن اتفقوا على الحاجة الملحة للقيام بتدابير إضافية لدعم بنوك المنطقة، ومن ثم تمكن «البنك المركزي الأوروبي»، يوم الخميس، من تعزيز الثقة بالسوق بعد إعلانه تخصيص المزيد من السيولة للبنوك، وهو الأمر الذي دفع باليورو صعوداً ليصل إلى مستوى 1.3525 دولار، إلا أنه سرعان ما تم عكس هذا التوجه بعد أن قامت وكالة «فيتش» بخفض التصنيف الائتماني لإسبانيا وإيطاليا وذلك يوم الجمعة، وهو ما دفع باليورو إلى التراجع ليقفل الأسبوع عند 1.3377 دولار.
أما الجنيه الإسترليني فقد افتتح الأسبوع عند 1.5584 دولار، ليتراجع بعدها بشكل حاد بعد قيام «بنك إنجلترا» بإعلان زيادة 75 مليار جنيه إسترليني إضافية على برنامج شراء الأصول الخاص به، وهو الأمر الذي تسبب بتراجع اليورو إلى 1.5270 دولار.
إلا أن الجنيه الإسترليني تمكن لاحقاً من تعويض كل خسائره، ليقفل الأسبوع عند 1.5563 دولار، أما الين الياباني، فقد تراوحت تداولاته على مر الأسبوع ما بين 76.50 ين وبين 77.00 ين. وفي المقابل، بدأ الفرنك السويسري الأسبوع عند مستوى 0.9082 دولار، ثم تراجع بعدها مقابل الدولار إلى 0.9316 دولار، ليقفل الأسبوع عند 0.9272 دولار.
وشهد القطاع الصناعي الأمريكي نمواً لا بأس به، وذلك للشهر السادس والعشرين على التوالي وبمعدل مرتفع بعض الشيء عن المتوقع، وذلك على الرغم من وجود دلائل على حصول تراجع في عملية التعافي الاقتصادي، فقد ارتفع مؤشر «آي أس أم» الصناعي إلى 51.6، وذلك من 50.6 المتحقق خلال أغسطس. وفي المقابل، شهد قطاع الخدمات نمواً لا بأس به خلال شهر سبتمبر، ولكن بوتيرة منخفضة، وهو الأمر الذي يدل على الصعوبات التي تقف في وجه عملية التعافي الاقتصادي، أما مؤشر «آي أس أم» في القطاعات غير الصناعية فقد تراجع من 53.3 إلى 53.0.
وأعلن بن برنانكي، رئيس الاحتياطي الفيدرالي، أنه بإمكان «بنك الاحتياطي الفيدرالي» اتخاذ المزيد من الخطوات الإضافية للمحافظة على سير عملية التعافي الاقتصادي، والتي تعتبر أقرب منها إلى التداعي. كما حذر البنك السلطة التشريعية من القيام بأية تغييرات على السياسة النقدية والتي من شأنها أن تعيق عملية النمو الاقتصادي، كما استعرض مجدداً بعض الخيارات المتاحة والتي تم التطرق إليها سابقاً، والتي تنص على إمكانية قيام البنك الفيدرالي بإفشاء المزيد من المعلومات حول تعهده بالإبقاء على معدلات الفائدة منخفضة، وذلك خلال الفترة الممتدة حتى العام 2013 على الأقل، إضافة إلى قيامه بتخفيض الرسومات المفروضة على إيداعات البنوك، فضلاً عن شراء المزيد من الضمانات.
كما أشار برنانكي إلى أن ارتفاع مستويات التضخم خلال العام الجاري لن يحول دون قيام «الاحتياطي الفيدرالي» بما يلزم، باعتبار أنها غير متأصلة في اقتصاد البلاد حتى الآن، وأضاف برنانكي أن «الاحتياطي الفيدرالي» يحرص على استمرارية عملية التعافي الاقتصادي، إضافة إلى حرصه على خفض معدلات البطالة.
وتوفرت المزيد من فرص العمل خلال سبتمبر بشكل فاق التوقعات، حيث تمكن سوق العمل من تحقيق المزيد من المكاسب خلال الشهرين الأخيرين، وهو الأمر الذي هدّأ من المخاوف المتعلقة بحصول ركود اقتصادي آخر، فمعدلات البطالة قد بقيت على حالها، والذي تسبب بدوره بالمزيد من الضغوطات على الرئيس الأمريكي أوباما وعلى «الاحتياطي الفيدرالي»، وذلك لوضع مخطط يدفع قدماً بعملية التعافي الاقتصادي.
هذا وقد ارتفع عدد فرص العمل المتوفرة في وظائف القطاعات غير الصناعية إلى 103 آلاف، مع العلم أن الرقم الجيد هذا والمتحقق خلال سبتمبر يعود جزئياً إلى توقف 45 ألف عامل في قطاع الاتصالات عن إضرابهم وعودتهم إلى العمل.
وباستثناء هؤلاء العمال، فقد ارتفعت العمالة ارتفاعاً ضئيلاً بـ58 ألفاً، مع العلم أن ارتفاع عدد فرص العمل المتوفرة لا يزال دون المستوى المطلوب، ليتمكن من خفض نسبة البطالة في البلاد، إلا أن التقارير المتعلقة بهذا الخصوص قد فاقت التوقعات.
من ناحية أخرى، فقد ارتفع معدل أسبوع العمل عما هو عليه في التقارير الأولية وذلك بمقدار 99 ألف وظيفة إضافية خلال يوليو وأغسطس، كما تراجعت خلال الأسبوع الماضي وتيرة تزايد عدد المطالبات للتعويض ضد البطالة، وذلك دون التوقعات الموضوعة، وهو الأمر الذي يشير إلى تراجع في عدد الإقالات، فقد ارتفع عدد المطالبات بـ6 آلاف مطالبة، ليصل العدد الإجمالي إلى 401 ألف مطالبة، وهو الرقم الذي يقع دون التوقعات الاقتصادية التي قضت بحصول ارتفاع في عدد هذه المطالبات إلى 411 ألف مطالبة.
خفض التصنيف الائتماني لإيطاليا
أقدمت وكالة «موديز» على خفض التصنيف الائتماني لإيطاليا للمرة الأولى منذ عقدين من الزمن، وذلك استناداً إلى المخاوف المتعلقة بالصراع الذي تمر به الحكومة الإيطالية لتقليل حجم الدين العام، والذي يعتبر ثاني أكبر دين في المنطقة الأوروبية، والذي يترافق كذلك مع النمو الاقتصادي الضعيف للبلاد، هذا وقد خفضت «موديز» التصنيف الائتماني لإيطاليا بمقدار ثلاث نقاط من «آي2» إلى «آي آي2»، مع تقارير اقتصادية سلبية. يأتي هذا القرار بعد أن قامت وكالة «ستاندرد آند بورز» بخفض التصنيف الائتماني للبلاد خلال سبتمبر إلى «آي آي2»، مع العلم أن إيطاليا قد أعلنت الشهر الماضي عن تدابير تقشف جديدة بمقدار 54 مليار جنيه إسترليني، والتي تهدف إلى موازنة العجز مع حلول العام 2013، وهو الأمر الذي أقنع «البنك المركزي الأوروبي» بشراء سندات الخزينة الإيطالية. وفي حين أن عملية الشراء هذه قد قللت من الإيرادات، فإن تكاليف الإقراض لاتزال مرتفعة، وذلك عند مستويات قياسية بسبب مخاطر انتشار أزمة الديون الأوروبية إلى المزيد من الدول.
وقامت وكالة «موديز» بخفض التصنيف الائتماني لتسعة من البنوك البرتغالية، خصوصاً بسبب المخاطر المتزايدة والمتعلقة بحيازات البنوك من ديون الحكومة البرتغالية، إلى جانب خفض تصنيف البرتغال للديون السيادية خلال يوليو، وهو الأمر الذي عزز من الضغوطات المفروضة على الحكومة لاتخاذ تدابير حاسمة لدعم الاقتصاد.
وفي المقابل، قامت وكالة «ستاندرد آند بورز» بخفض التصنيف الائتماني لبعض أهم البنوك التابعة لمجموعة «فرانكو بلجيان» المالية، وذلك بسبب تعرضها الشديد للديون اليونانية، مع اعتبار أن أزمة الديون اليونانية هي الكبرى في المنطقة.
ويعمل «البنك المركزي الأوروبي» على اعتماد أهم الوسائل المتوفرة لديه للسيطرة على المخاطر المتزايدة والمتعلقة بتفاقم أزمة الديون الأوروبية، إلا أنه يصر على إبقاء معدلات الفائدة عند 1.50 بالمئة على الرغم من مطالبات بعض صناع السياسات في البنك بالمزيد من الاقتطاعات في النفقات، وقد صرح محافظ «البنك المركزي الأوروبي» جان كلود تريشيه أن البنك يرى مخاطر جسيمة تتهدد اقتصاد المنطقة الأوروبية تتعلق بأزمة الديون وبتراجع وتيرة النمو الاقتصادي.
وأضاف تريشيه «إن البنك سيقوم بتقديم إجراءات تحفيزية كبيرة للاقتصاد مع تمويل كبير يصل إلى سنة واحدة، إلى جانب شراء سندات خزينة مدعومة بقيمة 40 مليار يورو، وشراء أصول من خلال قروض أو تسليفات من القطاع العام، وذلك لتجنب حصول أزمة سيولة».
أما موقف «البنك المركزي الأوروبي» حيال التضخم الحاصل فلايزال على حاله، حيث يتوقع أن يظل فوق نسبة 2 بالمئة خلال الأشهر المقبلة، ليتراجع بعدها إلى مستويات منخفضة أكثر.
كما أضاف تريشيه أن التقارير الاقتصادية لاتزال مرتبطة بارتفاع نسبة عدم اليقين وبالمخاطر المحيطة، ومن ثم فإن هذا التصريح قد عزز من توقعات السوق في أن يقوم «البنك المركزي الأوروبي» في نهاية المطاف بتخفيض معدلات الفائدة، وذلك لتحفيز النمو الاقتصادي.
المصدر:الرؤية
0 التعليقات:
إرسال تعليق